مجلس حقوق الإنسان يناقش تقريراً بشأن ركائز العدالة الانتقالية وتعزيز الحقيقة

في إطار الدورة الـ54 بجنيف

مجلس حقوق الإنسان يناقش تقريراً بشأن ركائز العدالة الانتقالية وتعزيز الحقيقة
مجلس حقوق الإنسان في جنيف

ناقش المجلس الدولي لحقوق الإنسان، تقريرا بشأن المعايير القانونية الدولية التي تقوم عليها ركائز العدالة الانتقالية وتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضـمانات عدم التكرار.

جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال سبتمبر وأكتوبر 2023 للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

وقدم المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار، فابيان سالنيولي، في هذا التقرير، تحليلا للمعايير القانونية الدولية التي تقوم عليها ركائز العدالة الانتقالية الخمس، وهي: الحقيقة والعدالة والجبر وتخليد الذكرى وضمانات عدم التكرار.

وحلل المقرر الخاص جميع مصـادر القانون الدولي، ويقدم تنظيما منهجياً شاملاً للمعايير الواردة فيه، وتعزيز المفاهيم والقواعد والواجبات الرئيسية التي تدعم كل ركيزة، بما في ذلك تلك المستمدة من المعاهدات الدولية، وإن لم يرد ذكرها فيها، والاجتهاد القضـائي للمحاكم الدولية والإقليمية، ومصادر القانون غير الملزم التي تحظى باحترام واسع، وممارسات الدول.

ويأخذ التحليل في الاعتبار أن الركائز الخمس للعدالة الانتقالية متكاملة ومترابطة، ومن ثم يتقاطع بعضها مع بعض عموماً، وكما أكد أحد المكلفين بولايات في وقت سابق، يستلزم تحقيق النجاح في تنفيذ تدابير العدالة الانتقالية أن تؤخذ في الاعتبار العلاقات الوثيقة وثانية الاتجاه القائمة بين الركائز لدى تصميم البرامج ذات الصلة.

ووفق التقرير الأممي، فإنه يجب على الدول أن تنفذ هذه الالتزامات في إطار نهج شامل يجمع بين عناصر كل ركيزة بطريقة متكاملة يعزز بعضها بعضاً، والرأي الحالي هو أن عمليات العدالة الانتقالية يجب أن تركز على الوفاء الفعال، بالتزامات الدول في مجال حقوق الإنسان، وأن تثق بما يتماشى معها.

وإضافة إلى ذلك، ينبغي تطوير ركائز العدالة الانتقالية مع إيلاء الاعتبار الواجب لمبادئ عدم التمييز، ويجب أن تتضمن منظوراً جنسانيا ونهجاً يركز على الضحايا، ويجب أن تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

ووفقا لما ورد في المجموعة المستوفاة من المبادئ المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وتعزيزها من خلال اتخاذ إجراءات لمكافحة الإفلات من العقاب، تتمثل ركيزة الحقيقة في الحق غير القابل للتصـرف للضحايا وأسرهم في معرفة الحقيقة بشـأن الأحداث الماضية المتعلقة بارتكاب جرائم شنيعة وبالظروف والأسباب التي أدت، من خلال الانتهاكات الواسعة النطاق أو الممنهجة، لارتكاب تلك الجرائم.

وتعتبر ضمانة حيوية ضد تكرار الانتهاكات، وعدم التحقيق في هذه الانتهاكات يمكن أن يؤدي في حد ذاته إلى خرق للصك الدولي ذي الصلة على نحو منفصل، وثمة حاجة أيضاً إلى معرفة الحقيقة لتنفيذ عمليات تخليد ذكرى أكثر اكتمالا.

وواجب التحقيق مشتق من التزام الدول باحترام حقوق الإنسان وكفالتها، ومن حق جميع الأشخاص الانتصاف الفعال إزاء انتهاكات تلك الحقوق، على النحو الوارد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعديد من الصكوك الدولية والإقليمية الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان.

والحق في معرفة الحقيقة مذكور صراحة أيضاً في مصادر أخرى من مصادر القانون الدولي، مثل المجموعة المستوفاة من المبادئ المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وتعزيزها من خلال اتخاذ إجراءات لمكافحة الإفلات من العقاب، والمبادئ الأساسية والمبادئ التوجيهية بشأن الحق في الانتصـاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني.

ويقع على عاتق الدول التزام إيجابي يتمثل في التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وتحديد أنماط العمل المشترك المتصلة بها وتحديد هوية جميع الذين شاركوا بطرق مختلفة في ارتكابها، كما يجب أن يكون ذلك بمشاركة الضحايا في الإجراءات مشاركة ملائمة، من خلال توفير إمكانيات واسعة النطاق للاستماع إليهم.

شروط ومعايير

ويستلزم ضمان الحق في معرفة الحقيقة أن تتخذ الدول التدابير اللازمة لضمان تنفيذ العمليات القضائية وغير القضائية التي تكمل دور السلطة القضائية على نحو يتسم بالاستقلالية والفاعلية، وكذلك يحب إجراء التحقيقات بجدية، وليس بوصفها مجرد إجراء شكلي المقصود منه أن يكون مفتقرا إلى الفاعلية.

وينبغي أن تبدأ التحقيقات تلقائيا، أي ينبغي ألا تعتمد على المبادرة الإجرائية للضحايا أو أقربائهم، وعلى الأدلة التي يساهمون بتقديمها، ويجب أن تكون فورية وشاملة وفاعلة وذات مصداقية وتتسم بالشفافية.

ويستلزم الكشف الفعال عن جميع المعلومات التي يمكن إثباتها حول الحقائق المتصلة بالأشخاص المفقودين وأماكن وجودهم أن تشمل التحقيقات هدفي العثور على رفات الضحايا وتحديد هويتهم.

ويجب على الدول أن تتخذ التدابير اللازمة لضمان إجراء عمليات البحث عن الحقيقة بالوسائل غير القضائية على نحو يتسم بالاستقلالية والفاعلية، ويتمثل أحد مفاتيح ضمان الاستقلالية في ضمان شفافية التمويل الذي يوفر الموارد المادية والبشرية الكافية، ويتطلب ممارسة اللجان لمهامها بفاعلية أيضاً مساعدة سلطات إنفاذ القانون.

وينبغي اختيار أعضاء اللجان وفقاً لمعايير واضحة ومعلنة، وينبغي أن تكون لديهم خبرة في ميدان حقوق الإنسان والقانون الإنساني، وينبغي أن يتجلى فيهم التمثيل الكافي للفئات التي تعيش في حالات ضعف، ويجب أن يكونوا أشخاصاً يتمتعون بأخلاق رفيعة وحيادية ونزاهة.

ويجب أن تكون آراء الضحايا والناجين محورية في عملية البت، التي ينبغي أن تأخذ في الاعتبار أيضـاً المساواة بين الجنسين وتمثيل المجتمع المدني، وعموماً، ينبغي أن يكون الهدف من التحقيقات هو تحقيق الاعتراف بالحقائق التي أنكرت سابقاً وإعطاء الأولوية للتركيز على الانتهاكات التي تشكل جرائم خطيرة بموجب القانون الدولي.

وينبغي أن يتمتع أعضاء اللجان بضمانات خاصة تكفل عدم قابليتهم للعزل خلال فترة ولايتهم، إلا على أساس عدم الأهلية أو السلوك الذي يجعلهم غير لائقين الأداء واجباتهم حسب ما يتقرر بصـورة محايدة ومستقلة.

ويجب أن يتمتع أعضاء اللجان والموظفون فيها بالامتيازات والحصانات اللازمة لحمايتهم، لا سيما في سياق أي إجراءات تشهير أو غيرها من الدعاوى المدنية أو الجنائية التي ترفع ضـدهم على أساس الحقائق أو الآراء الواردة في تقارير اللجان، وكذلك حمايتهم مما يهدد حياتهم أو صحتهم أو سلامتهم.

وينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لتقارير اللجان وتوصياتها لضمان التنفيذ الفعال وتحقيق النتائج المتوقعة، بما في ذلك الإجراءات التشريعية وغيرها من الإجراءات اللازمة لمكافحة الإفلات من العقاب، فيما للمجتمع أن يتولى العناية بهذه التوصيات على نحو فعال، وذلك للحيلولة دون وجود ثغرات في روايات الماضي يمكن أن تستغلها الجهات الفاعلة السياسية.

وينبغي أن يتمتع الضحايا والشهود بتدابير فعالة تكفل أمنهم وسلامتهم البدنية والنفسية، ولا يجوز استدعاؤهم للإدلاء بشهاداتهم إلا على أساس طوعي بحت ودون تحمل نفقات، وينبغي تقديم المساعدة إليهم بلغتهم، إن أمكن، وينبغي أن يؤذن للأخصائيين الاجتماعيين و/ أو ممارسي الرعاية الصحية النفسية بمساعدة الضحايا أثناء الإدلاء بشهاداتهم وبعدها.

وفي ما يتعلق بالتحقيقات، ينبغي أن تتضمن قواعد اللجان إجراءات أو تدابير مناسبة لإنهاء ما يهدد حياة الشخص المعني أو صحته أو سلامته.

ويجب أن تسترشد عملية حفظ السجلات والمواقع التاريخية بمبدأ الشفافية، وبمنظور ضمان حرية طلب الاطلاع على المعلومات وتلقيها، ولذلك، ينبغي تيسير اطلاع الضحايا وأقرب أقربائهم على المحفوظات، مع إيلاء الاحترام الواجب دائماً لخصوصية الضحايا الآخرين أو أمنهم، وهو ما قد يستلزم فرض قيود.

وينبغي إلغاء الأحكام القانونية التي تحول دون رفع السرية عن المعلومات المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسـان، وينبغي للدول والمنظمات الدولية على السواء، بما فيها الأمم المتحدة، أن تضع منهجيات مفيدة لإتاحة الاطلاع على المحفوظات.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية